منذ أعوام تراودني فكرة السفر لتركيا ورؤية ملامحها ومعايشة تفاصيلها، قرأتُ عنها في مضامين الكتب وشواهد الرحلات الأدبية والقصص التاريخية قديماً، ومع تسارع الأيام كنتُ أترقّب الفرصة المناسبة لزيارتها كما يبدو لي، هذه الأيام كانت من نصيبي في زيارة هذه البلدة الغنّاء، رأيتُ فيها ما يُسعد خاطري ويُمتع بصري ويُملئ فؤاد بهجةً وسروراً، هي بلدة حوت كل تفاصيل الجمال البصري والقلبي،
فيها تفاصيل الفصول الأربعة ومشاهد الرياض النديّة اليافعة، تركيا أجدُ أنها وُجدت لتناسب جميع الأذواق، لها عشاق في الليل ورواد في النهار، يُشَدُ إليها الرحال ليشهد كل سائح ما يحلو له، تجد فيها كل الأطياف والأعراق والأجناس، أكثر ما أدهشني في تركيا اعتناقهم تفاصيل ذلك التاريخ القديم العريق، آثار البنيان تُذَكّر الرائي بما يُقرأ في دواوين التاريخ القديم،
كل مسجد دخلته تفاصيله خطّافة للقلب سرّاقة للعين، في أكثر تفاصيل حياتهم لهم حكاية مما سبق قريب أو بعيد، متمسكون بثقافتهم حتى مع اختلاف طُرقها وأساليبها، يعجبني جداً الشعب المحافظ على تاريخه وآثاره حتى ولو كرهه الطرف الآخر، فمن له تاريخ كان ذا مبدأ عريق، والعكس بالعكس والله المستعان، زُرتُ ما يُسمى حي السليمانية وصادف مرور بآداء صلاة الظهر في جامع إسماعيل آغا، مشهد المصلين فيه بلباس متحد وسكون آكد، أرى تفاصيل ثيابهم وتذكرت مسلسل يونس ايمره ورأيتُ كثيراً من أفعالهم فيها هدوء وسكينة وأدب عال في كل شيء،
سكان ذلك الحي كأنهم في زمن بعيد لباسهم وتفاصيل حياتهم الجميلة تُحكي ما يعيشون عليه وما يؤمنون به، وأما الطعام في تركيا فحدّث ولا حرج، لا يُوصَف لجماله ولذاذته، ولعل ما ندمتُ عليه كثيراً لم أزر مكتباتها رغم انتشار حاضنات الكتب فيها، الحديث عن تركيا لا ينتهي فهي بلدة تُحب من أول وهلة وتُكرر لها الزيارة لمن يحبها ويطيب حاله فيها، البعض يشكو من قساوة شعبها والحمد لله لم أواجه ما يزعجني منهم،
ولعل مَن تأذّى لم يُدرك ماهيّة خطأه تجاههم، ختاماً أقول: في السفر لا تسمع لقول أحد عن أحد وأنت لم تخالطه وتعايشه، جرّب بنفسك وانظر بعينك لا بعين غيرك، فلربما ترى مالم يقله لك أحد، سافر بفكرك وعقلك تعيش نعمة السفر أكثر وأكثر، والحمد لله رب العالمين.
دُونت هذه الحروف سَحَر يوم الجمعة 2023/08/04 مـ من أرض اسطنبول