البكاء على اللبن المسكوب

في برنامج حواري كان الضيف ذو مكانة مرموقة اجتماعياً، محظوظ بما حباه الله من فضل ونعمة معرفية غير تخصصية تليق بقدره ومقامه، ذو بسطة ٍ في الجسم وشيء من العلم، يمكن القول عنه متحدث لبق، يُحسن اختيار المفردات ويلبس لباس الهدوء في أشنع المواقف، كنتُ فرحاً بسرده الحديثي الماتع، ولكن سرعان ما تحوّل فرحي إلى غضاضة من قوله وهجومه الصاخب على الخصوم، وهو اول خصم نفسه، يُكثر اللوم على ما سبق من مرحلة زمنية لا تعود، من أول حرف نطق به إلى آخر ما ختم به اللقاء لا إيجابية مما كان في حياته ولا اعتراف بنعمة الله عليه في ذلك، حاولت معرفة بعض تفاصيل أمره فعلمتُ أن العلم أكثر شيءٍ يَنقصه والأدب كثيراً يُهمله، كثرة اللوم على ما سبق لا يُجدي نفعاً، والبقاء في فَلَكِ الماضي يجعل المرء حبيس حزنه وفريس بُؤسه، وإذا عُرف موطن الخلل وجب الإصلاح في الحال، وخير ما يُبدأ به الإصلاح هو تعديل سلوك الشخص معرفياً وسلوكياً، العلم بوعيٍ سليم يجعل المرء نبيهاً في محاورة خصومه ومغادرة محيطهم دون جُرحٍ بليغ ولا عقلٍ بليد، يُحسَب نجاح المرء من صدق إرادته في تغيير فِكْره وتطوير حاله وتبييض سبيل مآله.