محمد عمران، طاووس القراء

الشيخ محمد أحمد عمران، ابن سوهاج وربيب القاهرة بكل امتنان، يصادف اليوم ذكرى وفاته التاسع والعشرين وكأنه بالأمس رحل، في نسيم عام ٢٠٠٧ مـ لا أدري كيف عرفتُ صوته واختزل بقلبي حبه، تعلقتُ به سريعاً كغرام الطفل بوالدته إذا ألقت إليه الودّ والحب، امتزج صَوْتُهُ قلبي وأحبَّهُ فؤادي وسمعي، أفتتح به يومي وأختم به ليلي، كل من حولي يعرف الصوت العمراني بمعرفتي به، آيكة النغم وطاووس القراء وأستاذ المنشدين، كان مغموراً بين أقرانه ولا يعرفهُ إلا عشاقه، تمكّن في الأنغام وكأنما وُلد بين نايٍ وآلة كمان، يُصَوّر المشاهد القرآنية وصفاً يليق بالمقام مُوصِفٌ للحال، ولربما حالته البصرية كونه عاش كفيفاً فكان مبدعاً في توصيف المشاهد وتوضيح المواقف والمقاصد، إذ أن مسلوب البصر ذو مقدرة فائقة في تصوير المشاهد ومعاينة الشواهد، عاش بالقرآن ومع القرآن عيش السعداء، سطع نجمه بين كوكبة درّية من أفانين النغم والآداء، ولكنه بينهم كاللؤلؤ المكنون، ذو بصمة نغمية فريدة لا شبيه لها ولا مثيل، آداؤه في التلاوات والابتهالات الدينية مدرسة بمنهج مستقلّ وتشبّع روحاني في الأنغام مترنم، يؤسفني كما يُؤسف غيري أنه أُهمل لأسباب معروفة مجهولة، ولكن محبيه وأنصاره جعلوا من آدائه منهجاً للإبداع وملاذاً للأسماع ومأوى لكل راغبِ نجوى، ولعل ما زاده تميزاً يكره التقليد والإتكاء على سطحات الغير، يرى كل شخص شعلة إبداع في ذاته إن عرف نفسه وتكويناته، كان وما زال وسيزال الصوت العمراني مشهداً يُقصَد لترويح الأسماع.