مدونة أبو فراس عبد العظيم بن عبدالله هوساوي

رواية المسلم اليهودي

دخلتُ مكتبةً أتجوّل فيها باحثاً عن كتب محددة، ووقعت عيناي على عنوان غريب لقصة روائية للكاتب المبدع كمال رحيم، العنوان غريباً بالنسبة لي ولكنه مُلفت للغاية ( المسلم اليهودي ) جال في خلدي كيف شخص واحد يكون بهذين الوصفين ومؤمن بتلك الديانتين، اشتريتها رغم ارتفاع سعرها ووضعتها في قائمة الكتب التي سأقرؤها في قادم أيامي، أهملتها لأيام كثيرة حتى رأيتها امامي في مكتبتي فأخذتُ في قرائتها من توقف وتفاصيلها أعجب ما يكون قراءته من قصة حقيقية، شاب مسلم ذهب للسوق لشراء قطعة قماش وبعض المستلزمات، دخل لمحل أقمشة وهناك فتاة في ريعان شبابها تعمل بذات المحل تعرض للشاب من بضاعة المحل من أصناف وانواع الأقمشة، فاشترى الشاب ما يريد من الأقمشة وقلبه اشترى حب تلك الفتاة، عاود زيارته مجدداً للمحل لشراء قطعة قماش ولكن هذا تمويه في الأصل، والحقيقة عاد مرة أخرى ليطمئن قلبه أكثر بتلك الفتاة، تعارفا وقويت المعرفة بينهما وعرض عليها الزواج بها، هي وافقت به ولكن أهالي الزوجين في تعارض شديد من هذا الزواج لتباين الديانات واختلاف العادات، هو مسلم وهي يهودية، ولا يمكن التوافق فكراً بين الديانتين، عارضت أهلها لرفضهم وهو اخفى عن أهله أمر زواجه من تلك اليهودية، تم الزواج وأهالي الطرفين في امتعاض من التبعات المستقلبية لهذا الزواج، خرج الشاب في مهمة عمل وكتب الله له الشهادة ومات شهيداً وزوجته حامل منه بولد، أنجبت الولد وعاش معها وهو لم يرَ والده، احتارت الام كيف سينشأ ابنها ان كان مسلماً على دين والده وأعمامه أم على دين والدته وأخواله، نشأ الابن في صراع فكري بين الديانتين يمارس شيئاً من الإسلام ويجامل والدته في دين أهلها، عانى كثيراً من هذا الاختلاف الذي لا يمكن التوفيق فيه ولا تقريبه، فلا المسلم يستطيع معايشة اليهودي، ولا اليهودي يطيق رؤية المسلم فضلاً عن معاشرته مجتمعياً ودينياً ونسبا، الام عانت اكثر من ابنها في الشتات الذهني الذي داهمها، ولوم والديها على الحب الذي ناصرته على عاداتها وتقاليدها، فليس الحب دائماً هو المنتصر في هذه المواطن، انتهيتُ من قراءة الرواية والدهشة تتملّكني من جزاء تصرفٍ كهذا، العقل والقلب إن لم يُوفّقا أهلك احدهما الأخر أو هلكا معاً.