مدونة أبو فراس عبد العظيم بن عبدالله هوساوي

المبادئ، ضرورة لا اختيار 

دُعيتُ ذات مرة لمجلس ثقافي لمجموعة شباب يجتمعون مرة في الشهر، بعضهم حديث عهدٍ بالثقافة والقراءة، والبعض الآخر له مع القراءة سنين عددا، كان الموعد عصراً والتقينا وكانت افتتاحية المجلس جميلة من حيث الترتيب ووضوح الأهداف وتقسيم الوقت للحاضرين، فالكل يدلي بدلوه فيما تم تحديده من موضوع ثقافي يقرؤون عنه قبل المجلس، ولأني حديث عهدٍ بالمجلس آثرتُ الكلام كآخر متحدث حتى أُدرك أبجديات الحوار، سرّني كثيراً ما سمعت وساءني أمر لم يخطر لي ببال، في وسط الحوار حان موعد صلاة المغرب فسمعنا الأذان فقلتُ لعلهم بعد انتهاء الأذان يُوقفون الحوار للصلاة ثم نعود كما قبل الصلاة، أُقيمت الصلاة ولم يتوقّف الحوار ولم يتحرّك منهم أحد، تعجبتُ قليلاً وقمتُ وأدركتُ الصلاة مع الحاضرين في ذات المقهى، عدتُ وهم كما هم يُكملون حوارهم، جاء وقت صلاة العشاء والحال كما هو مع صلاة المغرب، قمتُ لوحدي وصليتُ مع آخرين في المقهى، عدتُ إليهم وحان دوري في الحوار ونطقتُ بكلمات خفيفة عن المبدأ وأصالته عند الإنسان، واستئذنتُ منصرفاً عازماً على عدم العودة إلى مجالسهم ولو كانت بأغلى ثمن، ربما يرى البعض أن مسألة التدين وسلوكيات الدين ثقافة ثانوية لا ثقافة أصلية عند الإنسان، أنا يهمني كثيراً المبدأ والتمسك به وتقديم المبادئ على كل الأمور الأخرى، الصلاة في وقتها مبدأ عند المسلم لا يتنازل بتأخيرها عن وقتها إلا لظرف قاهر طارئ، في ثقافة الأعمال أن المتمسك بمبادئه الأساسية ذلك انعكاس لشخصيّته وإمكانية الاعتماد عليه في تولية المهام، حتى في قوانين الصحبة والصداقة مَن يكون ذا مبدأ تُلازَم صداقته لإدراكه قيمة المبدأ، التفريط في المبدأ تفريط في جميع سلوكيات الحياة.