مدونة أبو فراس عبد العظيم بن عبدالله هوساوي

ولا تجادلوا … 

هذه الأيام سابقها القريب وحاضرها الكئيب كانت لي أيام سعيدة من جهة وبئيسة جهة من أخرى، كنتُ وما زالت أتجنّب كل مجلسٍ فحواه السياسة ومجرياتها، وأبغض مجالسة الشخص المتلبّس لباس المحلل الذي لا يُخطئ رأيه ولا يُخالف فهمه، كلا الإثنين فيهما من البؤس مالله به عليم، مداومة تلك المجالس وأمثالها فيها قسوة قلبٍ أشد من قساوة حجر جبال تهامة، انحنيتُ جانباً وأخذتُ نفسي لإصلاح ما أفسدتُ من جدول أيامي وتفاصيل أحوالي، انكببتُ في قراءة ما سَوّفتُ كثيراً في تأجليه، وأعدتُ ترميم قلبي وعقلي ودهاليز فؤادي، فكان ذلك خيراً لي من مداومة الجدال بلا انتهاء، إذ الجدال كالنار الهاوية تحرق كل مَن حام حولها قريباً أو بعيداً، كلُ ما لا يُمكنك تغييره أو تبديله أو تصحيحه فلستَ به بملزم ولا أنت عليه بمؤاخذ، الله أعلم بحقائق الأشياء ودقائق الأمور وتفاصيل المجريات، فهو سبحانه يُقيّض لكل شيء فاعلا، فلعل أسمى ما عليك فعله نفعُ نفسك بكّفِ أذاك عن نفسك وعن الآخرين فيما لا شأن لك فيه، فرحم الله امرئ عرف حقيقة نفسه ومعطيات فعله فالله لطيفٌ بعباده في جميع الأحوال والأيام.