هكذا يُقال دائماً الإحساس الأول عن الأشياء والمواقف والأشخاص لا يخون، ولعلها حاسّة مخلوقة توأماً للروح لا يفترقان أبدا، إذ التنبؤ الأول عن الأشياء يجعل فيها نسبة التصادق أكبر من حجم فعلها، ولا أدري عن حقيقة السر في ذلك، وكثيراً ما نُنصح من والدينا عن أشياء تحذيراً أو تنبيهاً ولكن بحجة عبقرية عقولنا الناشئة نعتقد أننا أفهم من تلك النصائح والإرشادات المسداة إلينا، و سرعان ما نُصدّق ما قيل لنا بعد فوات الأوان، ربما سِلباً أو إيجابا ولكن هذه الحقيقة لا نستطيع الحيد عنها وتكذيبها، حتى الأصدقاء المقربون لضرورة وجودهم في حياتنا ينصحنا الواحد عن شيء ونغفله ثم يَصدق إحساس الصديق ونندم، ما جعلني أقول هذا القول موقف حصل لي هذه الأيام استفدتُ منه درساً بليغا، عندي ميعاد ذو أهمية مع شخص ظاهره الصلاح والأمانة والوفاء وكل ما هو جميلٌ فهو صفة لازمةٌ له، صديق لي نما إليه نبأ ميعادي مع الشخص الموعود في أمرٍ ما فنصحني بالتريث وعدم العَجَلَةِ في العمل معه، بداية الأمر كَذّبتُ صِدق النصيحة وقلتُ لعل موقف بائسٍ بينهما تسرّع صديقي الناصح بإبداء النصيحة، وأخذتُ ألتمسُ الأعذار لهما في سوء موقفهما ولعل الأمر يَصلُح معي وينجح، جاء موعدي وأخذتُ في إنجاز المهمة، وسبحان الله العليم بكل شيء حصل معي مثل ما حصل مع الصديق الناصح، ولربما ما حصل معي أسوأ من أي شيء، تَجرّعتُ مرارة الغضب ولكن هدأت نفسي سريعاً لأني أبقيتُ خطوةً للعودة تفادياً للمخاطر، خرجتُ من أمري بأقل خسارة وأثمن نصيحة، والإحساس الأول لا يخون.