في ماضي تجاربي يكون السفر إما مع صديقي المعتاد أو مفرداً، ولكن هذه المرة كانت تجربة السفر مع أشخاص فضلاء أخيار عليهم سِمَات الخير والفضل، ولكن علاقتي معهم جديدة إلا واحداً منهم فوجهه مألوفٌ عندي منذ أيام الجامعة، مَن يعرفني يُدرك سهولة اندماجي في المجتمعات وسرعة تكوين العلاقات مع الأشخاص، ولكني في الآونة الأخيرة تبدّل ذلك الحال بشكل معكوس، منذ وصولنا لمقصد رحلتنا ولُوحظَ عليّ ترسيمي لحاجز العلاقات بين أفراد السفر والتحدث معهم بالمحدود في المطلوب وشيء من ثقافة الترويح عن النفس في القليل لا الكثير، وأما بقية الوقت إن انتهينا من مهامنا أدخلُ غرفتي اقرأ شيئاً من كتبي أو أُخفف من تعب المجهود النهاري بمشاهدة أفلام قد كتبتها في القائمة منذ زمن وانهال عليها التسويف والنسيان، في الثلاثة الأيام الأولى شعرتُ ببُعْد مسافتي بينهم وكذلك هم شعروا بذلك ويؤسفني أنّي خيّبت أملهم بما عرفوه عني قبل السفر من خلال منسّق السفر ببساطة حديثي وضحكاتي الدائمة، أرخيتُ حِبال البُعد وتقربتُ من الدائرة أكثر ومضت الأمور بسلام وكلنا نضحك وقت استراحتنا نُخفف عن أنفسنا بُعد الأهل والأحباب، حيث بعضهم هذه المرة الأولى لهم في السفر وأحدهم قليل السفر وأنا أكثرهم تسكّعاً في الأرض بين الدول والمدن، كل هذا لا يهم فما يهمني الآن أخذتُ غارقاً في التفكير ما سبب تبدّل الحال وتفضيل بناء الحواجز البعيدة دون أن تكون قريبة كما عهدتُ ذلك، وأعتقد السبب الرئيسي لذلك هو كثرة الصدمات التي يمر بها الإنسان والمواقف السيئة المواجهة لنا بسبب تكثير الصداقات وفتح دائرة التعارف سريعاً وهذا يكون إيجاباً محفوفاً بالسلبيات، بعد الدروس المستفادة من التجارب السابقة يكون الانسان حريصاً غاية الحِرْص في تكوين العلاقات الاجتماعية ومحاولة اختيار الأنسب فليس في العمر مساحة كافية لخوض تجارب تعيدنا لنقطة الصفر، وهذا أمر طبيعي في كل شخص عاقل يكون على دراية بما يحصل في هذا الميدان، ولكل مقامٍ مقال.