اشتريتُ كتاباً مهمّاً عن معلومات أبحث عنها ووصلني بعد طول انتظار من إحدى الدول، وأثناء انتظار وصول الكتاب أخذتُ في خيالي كثيراً عن متعتي المستقبلية لقراءة الكتاب، وصل الضيف المصون وتصفحته سريعاً آملاً البدء به عاجلاً، بدأت من يوم آخر في القراءة ومع كل جملة أقرؤها ينتابني الندم شيئاً فشيئا كمثل الحُمّى الحرارية إذا أقبلت على الشخص لا تُداهمه سريعاً بقدر ما تُمهّل له الطريق بخفيف ألمٍ حتى الإيقاع به كجثّةٍ هامدة على شفا نارٍ ذات لهب، هكذا كان حالي مع هذا الكتاب الذي خَيّب ظنّي وأضاع وقتي وانتظاري، قرأته كاملاً ووجدتُ أبعاض مرادي ولكن عددته أسوأ كتاب قرأته لأنه مكتوب باللغة العامية فيا له من شُؤمٍ هباء، اللكنة العامية في التحدث لا تُقَبل في بعض الأحيان فكيف بالمكتوب في ثلاثمائة وثمانين صفحة باللغة العامّية ! اللكنة العامّية في الكتابة تُعَطّل العقل عن التفكير والتركيز في المضمون، كنت أقرأ كل كلمة منه وكأني ألقم في فمي قطعة جمرٍ أُشعِلَ بكبريت قديم، ليت المكتوب كان بالعامية المعتادون عليها ببيئتنا وألسنتنا ولكن هيهات، المكتوب كان بعامّية رِيف الصعيد المفخّمة حروفها والمتآكلة مخارجها والمتداغمة أضدادها، كان الله في العون ولا حول ولا قوة إلا بالله.