منذ وجود الإنسان على وجه الأرض وهو في ترحال دائم مستمر لا يتوقف، وهذا يظهر جلياًً من قول الله تعالى (( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور )) فالسفر أداة تُسفر عن تفاصيل الأرض وخصائص الإنسان وشخصيته واختلاف طِباعه، واعتياد الإنسان على السفر يُورثه رزانة العقل وجودة الرأي واتساع في المدارك العقلية، فالسفر بمختلف أنواعه وأساليبه أضحى في بعض الأوقات ضرورة لفئةٍ من الناس، وترف عند فئة أخرى، فما يكون ضرورةً كسفر العلم والتجارة وابتغاء الرزق والعلاج بأنواعه، ولكن البعض من أضحوا بتدوير السفر حتى أصبح ترفاً في أعرافهم ومجتمعاتهم، فصار الكثير منهم ينفقون فيه أكثر مما يملكون ويتظاهرون بالسعادة بما يفعلون وهم في حقيقة الأمر قاهرون لأنفسهم وكسر خواطر غيرهم وإيهامهم بأن أفعالهم هي الأصالة في السفر، فمتى خرج السفر عن مضمونه ومقصوده أصبح ترفاً لا يُؤبه به في الذكر واﻹيراد وأصبح علامة من علامات الإسراف في غير ضرورة.