واقع المؤلف في تكوين شخصيته الكتابية

أبان كتابتي لبحث الماجستير كنت كثير الإطلاع لبعض المصادر العلمية المهمة في تدوين تفاصيل البحث، ثمة كتاب استوقفني مؤلفه في طريقة كتابته وتحليلاته، الإمام أبو عبدالله محمد بن عمر الرازي الشهير بالفخر الرازي من علماء القرن السادس له كتابه المشهور ذو الصيت العالي ( مفاتيح الغيب ) وهو كتاب ضخم في تفسير القرآن الكريم يقع في خمسة عشر مجلداً، ألّفه بعد رحلته الواسعة في طلب العلم وأخذ من سنينه الكثير لإتمامه على أكمل وجه، كنت أرجع إلى مفاتيح الغيب للنظر في مسائل تقلقني أجوبتها وأجدُ مرادي في تفسيره، وغير ما مرة يدهشني بتفسيره ﻵيةٍ ما وأطرب لقلمه في التحرير والبيان، وأخذني الفضول لقراءة ترجمته تفصيلاً فوجدتها زاخرة الفرائد عظيمة الفوائد ملهمة التفاصيل، ما أثّر في أسلوب تحريره للمسائل أنه كان من علماء الفلسفة ومن عباقرة علم الرياضيات والحساب، فحينها فهمتُ عبقرية كتابته في التفسير وغيره من كتبه، فطالب علم الفلسفة يستيطع توصيل المعلومة بأبسط أسلوب وأوضح شرح وبيان، وعلم الرياضيات يلهمك النظر ﻷدق التفاصيل وبيان جدوى أهميتها، فقد تكون المعلومة الخفية ذات أثر كبير في بيان فائدة النص المكتوب ومدى تعلقها بسابقيتها من المدلولات، فهذا من تأثير تمرّس العلوم التطبيقية على شخصية الفخر الرازي في كتابة تفسيره، فكان يُوضح المبهم ويفصّل المجمل ويُزيح غبار الجهل عن عقل الملحد المعاند، وهكذا دواليك في جميع مؤلفاته يأسرك في أسلوبه البياني.