بعض الأفكار والحلول تُداهم عقولنا في أوقاتٍ أشبه بقدحة نارٍ تلاقت بحطبٍ يُضيء سراديب السماء، على وسادة النوم وعند الاستحمام وأثناء قيادة السيارة وبعض اللحظات التي يتعذّر وصفها، كلها أوقات يروق فيها العقل وتأتي الأفكار من حيث لا ندري، أذكر قديماً كان بحوزتي كشكولٌ أكتب فيه خواطر ولمحات تطرأ عليّ أثناء قيادة السيارة وأسميتُ ذلك الكشكول فيما بعد ( الخواطر الطيّارة من داخلية السيارة ) كتبتُ فيه كثيراً من اللحظات والمشاهد والخواطر التي تزور العقل مرة في العمر ثم تذهب بلا وداع ولا عودة، ومن غير انتباه اختفى ذلك الكشكول الأنيس ولا أدري أين ذهب، ترائيتُ حزيناً لفقداني هذا المكنون الجميل، ما دعاني لهذا الآن أني على وسادة فراشي وزارتي عناوين كتابية لعلي أبدأ نشأة ميلادها في أقرب وقت مناسب، جُلتُ بعقلي في دهاليز تلك العناوين سريعاً فوجدتُ ثمرها يانع إن أحسنتُ رعايتها، غادرت فراشي وأمسكتُ بقلمي وكتبت العناوين ومفاهيمها لأقرؤها صباحاً بكامل قواي العقلية، فعلمتُ مما مضى وقرأت أن تدوين رؤوس الأفكار فذاك بداية ظهورها وبلورتها، لا تستهينوا بكتابة وتدوين ما يجول في عقولكم، فلربما فكرة اليوم تكون واقع الغد.